.
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
معرفة الله بدلا من معرفة الدنيا
يسعى أهل الزمان لمعرفة أجزاء الكون ويقاسون الكثير وينفقون الأموال في هذا السبيل , أما في معرفة خالق الكون فلا يبذلون شيئا , بل ولا يخطر لهم ذلك على بال فكم من نفقات باهظة ينفقونها للوصول إلى القمر ومعرفة أحواله , وجني الفوائد منه , وكم من مشقات يعانون 0 وكم من أشياء ثمينة يتلفون أما في معرفة خالق ذلك القمر , ومسيره على هذا المنوال العجيب , فليسوا على استعداد لبذل جزء يسير من أعمارهم 0
من هنا يتضح عجز علوم هذه الأيام عن توفير السعادة والراحة الحقيقية للمجتمع , ذلك أن حدود العلم البشري أضحت محصورة بهذه المخلوقات فحسب , لكنها لم تصل إلى موجدها وخالقها 0
فأعرض عن من تولى ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم 0
واعجبا من غفلة الإنسان
لكم يدعو للعجب أن الإنسان يسعى ويبذل الكثير في سبيل سلامة جسده وتخليصه من الأمراض ، كما أنه ينفق ما يملك في سبيل دواء مر ، أو جراحة أو غيرها دون ذرة من أسف أو حسرة ، بينما هو لايهتز من أجل سلامة قلبه ، ولايشغله أمر الشفاء من أمراض روحه ، والذي هو أسمى بآلاف المرات وهو إذ لم ير ولم يسمع شيئا مما أخبرنا به الله تعالى ورسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الأمراض وعلاجها ، تراه مأخوذا بالدنيا ، فيحترق مما تأتي به أمراضها من عذاب ، بينما يرى عذاب الآخرة الذي ينتظره بعيدا فهل إن أقوال الله ورسوله لم تترك في نفسه أثرا لاحتمال وقوع الضرر كما تركت كلمة قالها له الطبيب ؟ أي : الم يقل في نفسه : لعل هذه الأمراض التي تحمل الهلاك صحيحة فيسعى _ فيما تبقى له من وقت _ في علاجها ؟ ذلك أن توقي الضرر الكبير واجب عقلا , مهما كان احتمال وقوعه ضئيلا 0
(الخمر رجس فاجتنب) قال الإله 00 (وفي المذاق مرارة) قال الحذر(والدين فاجعله الهوى) قال الإله (لا تجعل الجسد الهوى) قال الحذر
يا أسفا وياحسرة على ساعة الموت , إذ يرتفع حجاب الغفلة , وإذ ذاك يعرف الإنسان نفسه ويعرف أمراضها , لكنه يرى طريق العلاج وقد سد في وجهه , وعندها لاتجدي الشكوى ولا الحسرة فيقول
ياحسرتا على مافرطت في جنب الله
وصلى الله على محمد وآل محمد
من كتاب القلب السليمللسيد الشهيد عبد الحسين دستغيب
.